Teaching Arabic: Between Sense, Awareness, Criticism and Creativity

Document Type : Article

Author

أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية بكلية التربية جامعة حلوان.

Abstract

The Ministry of Education launched Egypt's reform vision for the development of education, and the process of curriculum development was the main pillar of this vision, as the signal to start implementing it started from the kindergarten stage and continues successively until the end of secondary school.
This vision aimed to make major transformations in the teaching and learning processes, where the transition from acquiring knowledge to producing it, and from learning skills to employing them in learning situations and generalizing them in the life of the learner outside the classrooms, and our curricula included the building values of our society, which are a fence that protects our homeland, and Egypt's reform vision for curriculum development aimed at taking into account the specifications of the graduate of pre-university education, and the challenges Egypt faces locally, regionally and globally, as the developed curricula aimed at building a citizen capable of cultural communication and respect. Diversity and building a positive dialogue with the other, as well as acquiring digital citizenship skills.
The question that arises: How does teaching Arabic contribute to the development of linguistic sense, reading awareness, literary criticism and linguistic creativity?

Keywords


أسفرت البحوث والدراسات عن تغيير التفكير في تعلم اللغة، إذ أعدت لهذا التفكير فلسفة خاصة؛ بمعنى أن تعليم اللغة ينبغي أن يقوم على أساس وظيفتها في الحياة ألا وهي التواصل. ومن الاتجاهات الحديثة في تعلم اللغة، والتي بدأ التبشير بها منذ بداية القرن العشرين تدريس اللغة على أنها وحدة متكاملة؛ حتى تتضح وظائفها اتضاحاً كاملًا، ومما يسهل معه عمليات التواصل بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد.

وهناك محاولة لرسم إطار جديد لمنظومة تعلُّم اللغة العربية، ويقتضي هذا الإطار الجديد ضرورة إعادة النظر في منظومة تعليم اللغة. فإذا أردنا الحصول على المخرجات التعليمية المناسبة لغويًّا؛ والتي تتمثل في خريجين قادرين على الاستماع مع الفهم والتحدث بطلاقة، والكتابة بصحة وسلامة وجمال، وقادرين على القراءة، والفهم، والتحليل، والتفسير، والنقد، والتقويم، والتذوق، وقادرين على التفكير السليم، وإعادة صياغة الفِكَر، وتوليد المعاني والإبداع. إذا أردنا تحقيق ذلك علينا إعادة تنظيم المُدخلات التعليمية في منظومة اللغة التي تقتضي وجود معلمي اللغة العربية على درجة عالية من الكفاءة. (علي مدكور، 2003)

إن تعليم اللغة العربية يواجه تحدياتٍ جسام في عالم متغير بسرعة لا حدود لها؛ فتعليم العربية لا بد أن يلحق بتعليم العلوم واللغات الأخرى؛ لذا وجب على مناهج تعليم اللغة العربية لأبنائنا من الاهتمام بمجموعة جديدة من المهارات اللغوية التي يحتاج إليها طالب اليوم؛ كي يتعامل مع معطيات عالمه المتغير السريع. فاللغة أداة التفكير، وباللغة يفكر الأطفال والكبار على حدٍّ سواء؛ ولذا نحتاج إلى لغة تنمي لدينا الفهم العميق، والتحليل، والاستنباط والنقد، والوعي، والشعور، والإبداع.

فقد أطلقت وزارة التربية والتعليم رؤية مصر الإصلاحية لتطوير التعليم، وكانت عملية تطوير المناهج هي الركيزة الأساسية لهذه الرؤية؛ إذ انطلقت إشارة البدء في تنفيذها من مرحلة رياض الأطفال ومستمرة على التوالي حتى نهاية المرحلة الثانوية.

كما استهدفت تلك الرؤية إجراء تحولاتٍ كبرى في عمليات التعليم والتعلُّم حيث الانتقال من اكتساب المعرفة إلى إنتاجها، ومن تعلم المهارات إلى توظيفها في مواقف التعلم وتعميمها في حياة المتعلم خارج الصفوف، كما تضمنت مناهجنا القيم البانية لمجتمعنا، والتي تعد سياجًا يحمي وطننا، واستهدفت- أيضًا- رؤية مصر الإصلاحية لتطوير المناهج مراعاة مواصفات خريج التعليم قبل الجامعي، وما تواجهه مصر من تحديات محلياً وإقليمياً وعالمياً؛ إذ استهدفت المناهج المطورة بناء مواطن قادر على التواصل الحضاري واحترام التنوع وبناء حوار إيجابي مع الآخر، فضلًا عن اكتساب مهارات المواطنة الرقمية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يسهم تعليم اللغة العربية في تنمية الحس اللغوي والوعي القرائي والنقد الأدبي والإبداع اللغوي لدى طلابنا في ظل المناهج الحديثة؟

يجب في البداية وضع الفروق بين المصطلحات؛ فالمقصود بالحس اللغوي: توظيف التراكيب اللغوية توظيفًا صحيحاً، وإدراك الأخطاء اللغوية، والدقة في التعبير عن المعاني وتذوقها. أما الوعي القرائي فيقصد به: تحسين فهم النص، وتخزين المعلومات واستخدامها واسترجاعها. والمقصود بالنقد الأدبي اصطلاحًا: قراءة النصوص؛ لإصدار الحُكم عليها وفق معايير نقدية تتعلق بالمعاني، والعاطفة، والخيال، والأسلوب.

وفي ضوء هذه المصطلحات نجد ملامح مشتركة تظهر بين مهارات الحس اللغوي والوعي القرائي والنقد الأدبي؛ متمثلة في فهم النصوص واستيعابها، ومعرفة التراكيب والأساليب اللغوية وحسن استخدامها، الإحساس بجماليات النصوص الأدبية وأهدافها، تذوق المعاني والأفكار والحُكم عليها.

وإذا بدأنا بالحديث عن الحس اللغوي، فنجد أن المقصود به: الشعور والإحساس باللغة والقدرة على التذوق الجمالي للغة، ويتطلب معرفة حسية تذوقيه تتربى في النفس من خلال استعمال اللغة الفصيحة.

وحدد (حسن شحاته، 2022) أهمية الحس اللغوي في مساعدته على:

  • معالجة النص وفهمه.
  • قراءة النصوص وتفسيرها.
  • الإحساس باللغة ورصد وتقييم النص.
  • إدراك نواحي الضعف والقصور في النص.
  • تطوير الأداء العقلي للمتعلمين.
  • سلامة اللغة وتنمية التذوق الأدبي.

كما حددت دراسات عديدة مهارات الحس اللغوي، ومنها (نعمة العزاوي، 2000 وعمر عوني، 2008) ما يلي:

  • فك رموز النص الجديد.
  • الإحساس بمشاعر الكاتب.
  • الاستماع باهتمام للآخرين.
  • الإحساس بالخطأ اللغوي وتعديله.
  • إدراك جماليات النص.
  • توظيف التراكيب توظيفًا جديدًا.
  • الفروق بين الأساليب اللغوية.
  • فهم ما وراء النص من رسائل.

ولو انتقلنا إلى الوعي القرائي نجد مستوى أعلى من الحس اللغوي يصل بمتعلم اللغة للوعي، ويُعرَّف هنا الوعي القرائي بأن المقصود به: تحسين فهم النص، وتخزين المعلومات واسترجاعها؛ لاستخدامها وقت الحاجة؛ لحل المشكلات.

ويعتمد الوعي القرائي على نظرية تجهيز المعلومات ومعالجتها، وتقوم هذه النظرية على عدد من الافتراضات مؤداها أن التجهيز والمعالجة الأعمق للمادة المتعلمة. (فتحي الزيات، 1995)

  • يؤدي إلى تعلم أكثر استمرارية.
  • يحقق توظيف أكبر للترابطات العقلية والقدرة على التذكر والاسترجاع.
  • يساعد على تطوير البناء المعرفي للمتعلم.

والقراءة عملية معقدة، تشمل سلسلة معقدة ومتكاملة من الأنشطة العقلية؛ التي تبدأ بالتنظيم ثم التحليل والمقارنة والربط والاستنتاج، فالقارئ يتفاعل مع النص في إطار خبراته السابقة بعدد من العمليات العقلية؛ حتى يصل إلى الفهم الواعي أو ما يطلق عليه الوعي القرائي.

وتم تحديد أربعة أبعاد للوعي القرائي تتضمن ما يلي: (هدي هلالي، 2017).

  • التخطيط للمقروء: ويعني الاستراتيجيات التي يوظفها القارئ في تخطيطه كأن يحدد القارئ الهدف والوقت اللازم لقراءة نصٍ ما، وتحديد الأجزاء التي يقرأها وما يمكن تجاهله، والأجزاء التي يعاود تأملها والتفكير فيها، والآلية التي تساعد على استخراج الفكر الرئيسة، وتخمين بعض المعاني للوصول إلى فهم دقيق.
  • تنظيم المقروء: وتشير إلى الاستراتيجيات التي يتبعها القارئ في أثناء قراءة نصٍ ما؛ كالتنبؤ بالأحداث والأفكار، وتفحص فهم النص للوصول لفكرة جديدة، ووضع سؤال عن كل فقرة، واختيار العنوان الأنسب للنص المقروء.
  • تقويم المقروء: ويعني قدرة القارئ على إصدار الحُكم على المعلومات الواردة بالنص، وتقييم وجهة نظر الكاتب، والتقييم الذاتي لمعرفته وتنبؤاته حول النص القرائي.
  • عادات القارئ في حل المشكلات القرائية: وتعني الاستراتيجيات التي يستخدمها القارئ؛ لتعرُّف الكلمات الغامضة، وتكوين علاقات بين الأفكار، واستخدام المعاجم، وتدوين الملاحظات.

ثم نصل إلى النقد الأدبي لنجد مستوى متميزاً من العلاقة بين التفكير واللغة، فيستطيع القارئ قراءة النصوص؛ لإصدار الحُكم عليها وفق معايير نقدية تتعلق بالمعاني، والعاطفة، والخيال، والأسلوب.

وتُعرِّف بعض الدراسات (عماد الخطيب، 2009) النقد الأدبي بأنه: عملية تتضمن الوصف والتفسير وتقويم الأعمال الأدبية وتقييمها، فضلًا عن مناقشة مبادئ الأدب ونظرياته وجمالياته، إذا فهو عملية وصفية تبدأ بعد عملية الإبداع مباشرة، وتستهدف قراءة الأثر الأدبي ومقارنته قصد تبيان مواطن أو مستويات الجمال فيه.

وجاء المعيار الثاني من معايير المجلس الأمريكي لتعليم اللغات (ACTFL) مركزًا على التوجهات العالمية التي تنادي بضرورة تزويد معلمي اللغات بمجموعة من المهارات التي يمكن تضمينها في برامج الإعداد، والتي من بينها: البرهنة على فهم الأدب والنصوص الثقافية من خلال تعرُّف قيمة الأدب والثقافة ودورهما في تفسير المواقف الحياتية المختلفة.

هذا، وقد حدد (حسن شحاته، 2006) أهمية النقد الأدبي فيما يلي:

  • فهم النص الأدبي، وتفسيره، وتحليل مكوناته اللغوية (مفردات، وتراكيب، وصور، وأساليب).
  • إصدار الأحكام على جودة النص الأدبي من ضعفه.
  • تحديد أسباب وعلل استخدام الكاتب لبعض الكلمات والجمل والصور البلاغية دون غيرها.
  • إكساب الطلاب القدرة على محاكاة النماذج الأدبية الجيدة.

ولذا تحددت مهارات النقد الأدبي وعناصره الفنية التي يُحْكَم من خلالها على جودة العمل الأدبي فيما يلي: (سيد رجب، 2019)

  • الألفاظ والتراكيب المعيار الأول للحُكم على جودة النص الأدبي، هل عبَّرت الألفاظ والتراكيب عن الجو النفسي والمشاعر والأحاسيس؟
  • الأفكار: هل جاءت الأفكار واضحة وواقعية ومنسجمة مع العاطفة ومرتبطة ببيئة النص؟
  • العاطفة: هل ركز الناقد على صدق العاطفة وقدرة الكاتب على التعبير عنها؟
  • الخيال والصور: هل اعتمد الكاتب على الصور والأخيلة التي تؤثر في المتلقي، وتشعره بالمتعة والتذوق الأدبي؟
  • الموسيقي: هل استخدم الكاتب المحسنات البديعة التي تتلاءم مع بحر العروض؟

ويأتي الإبداع اللغوي ليكمل الصورة في تعليم اللغة العربية

ويُعرَّف الإبداع بأنه: قدرة الطفل على التعبير الحر الذي يُمكِّنه من اكتشاف المشكلات، والمواقف الغامضة، ومن إعادة صياغة الخبرة في أنماط جديدة عن طريق تقديم أكبر عدد ممكن من الاستجابات، والأنشطة غير المألوفة، والتي تتميز بالمرونة، والحداثة بالنسبة للطفل نفسه، ويعبر عنها بأي شكل من الأشكال، والأساليب المختلفة للتعبير: القصصي، والفني، والحركي، والموسيقي، والدرامي.

ويُعرَّف الإبداع اللغوي (معاطي نصر، 2007) بأنه: إنتاج اللغة وفق معايير معينة، منها: الدقة اللغوية، والجودة، والأصالة، أو إعادة استخدام اللغة وتركيبها وفق معايير لغوية وبلاغية إبداعية تتصف بالطلاقة، والمرونة، والأصالة، والتفاصيل.

إن اللغة العربية مادة خصبة بالإبداع الأدبي والفكري، الأمر الذي يتطلب منا العمل على إثرائها، واكتشاف مواهب المتعلمين، وصقل قدراتهم من خلال الاهتمام بالكتابة عامة- والتعبير الكتابي الإبداعي- خاصة، بما يتطلبه ذلك من تنمية القدرة على التعبير عن الأفكار، والأحاسيس، والانفعالات، والعواطف والمشاعر، ووصف مظاهر الطبيعة وكذلك كتابة القصة، والشعر، والمقالة والخطبة، والمسرحية.

وتقدم هذه الورقة العلمية بعض الطرق والاستراتيجيات التدريسية المقترحة؛ لتنمية الحس اللغوي والوعي القرائي والنقد الأدبي والإبداع اللغوي لدى طلاب المدارس، ومنها: تقديم نماذج تدريس تقوم على نظريات التدفق النفسي، وأخرى تقوم على نظريات السيكودراما، وثالثة تقوم على نظريات في علوم الأدب والنقد كنظرية التلقي، ورابعة تُبنى على فكرة متعة التعلم. وتقدم الورقة بعض التلميحات عن هذه النظريات ودورها في تدريس اللغة العربية.

أولًا: نظرية التدفق النفسي:

يُعرَّف التدفق النفسي (فاتن عبد الفتاح، 2018) بأنه: حالة نفسية تنساب فيها مشاعر وجدانية إيجابية تؤدي إلى مستوى أمثل للإثارة والنشاط؛ للوصول إلى الخبرة المُثلى، والتي تشتمل على أعلى درجات الاستمتاع، والثقة بالنفس، والتركيز، والإحساس بالتحكم والسيطرة، والضبط مع القدرة على إدارة الوقت والاندماج الداخلي الكامل في العمل.

ولكي يُطبَق مفهوم "التدفق النفسي" في العملية التعليمية، لا بد من جعل التعلم هدفًا في حدِّ ذاته يسعى المتعلمين لممارسته وبذل الجهد والوقت، مع الشعور باللذة العقلية التي تؤدي إلى نمو التحصيل المعرفي والمهاري، ويظهر ذلك في كل نشاطات التعليم بدءًا بالأهداف، مرورًا بالمحتوى وأساليب وطرق التدريس وصولًا للتقويم وسائله وأساليبه.

ولو طُبقت نظرية "التدفق النفسي" على تدريس القراءة مثلًا سنجد أن القراءة من المجالات المناسبة لحدوث حالة التدفق لدى المتعلمين؛ حيث إن القراءة تمثل أداة الفرد للاطلاع على خبرات الآخرين وثقافاتهم، وكلما ازدادت معايشة الفرد لهذا الإنتاج البشري ازدادت خبراته وتنوعت ثقافته. وعلى الجانب الآخر يمكن من خلال معايشة المتعلم لحالة التدفق تحقيق أهداف القراءة المنشودة والمتمثلة في تنمية القدرات العقلية العليا- كالتخيل، والتحليل، والاستنتاج، والاستدلال، والربط والموازنة، وغيرها- مع تحقيق المتعة العقلية وتعويد المتعلمين على القراءة الذاتية، وتكوين اتجاهات إيجابية نحو عملية القراءة، وتنمية الميول القرائية المتنوعة، وتطوير استخدام المتعلم لاستراتيجيات القراءة؛ مما يؤدي إلى قدرته على فهم ما يقرأ، والتجاوب معه، وتوظيفه في مواجهة العالم الخارجي.

وأثبتت بعض الدراسات، ومنها دراسة (رشا محمود، 2021) أن التدفق النفسي قد ينمي مهارات الحس اللغوي لدى المتعلمين، وخاصة إذا أُتيحت لهم فرصة ممارسة اللغة- قراءةً وكتابةً واستماعًا وتحدثًا- سواء عند التعبير عن ذواتهم، أو من خلال التواصل مع الآخرين من زملائهم في الفصل، والسماح لهم بالنقد وإبراز الإيجابيات والسلبيات فيما يقرؤون أو يسمعون، وإفساح المجال أمامهم للتساؤلات عما يدور في أذهانهم، وتشجيعهم على البحث والاستقصاء، والتركيز في أثناء القراءة والكتابة، وتهيئة البيئة المناسبة الخالية من المشتتات.

ثانيًّا: نظريات التعلم والعلاج بالسيكودراما:

تعد "السيكودراما" طريقة مسرحية ارتجالية تسعى إلى تقديم مجموعة من اللوحات والمشاهد الدرامية لوظيفة علاجية وقائية. وهذا يعني أن للسيكودراما وظائف إيجابية في الحفاظ على توازن شخصية الطفل من الناحيتين- الشعورية واللا شعورية- قصد التوازن النفسي.

عن طريق السيكودراما يستطيع المتعلم الظهور والنمو السيكولوجي السليم ليكون قادرًا على التعلم وتقبل المعارف، وتلقيها بشكلٍ علمي سليم واكتساب قيم جديدة. ويتحرر المتعلم نفسيًّا وجسديًّا وذهنيًّا من مخاوفه واضطراباته وقلقه وتوتره وخجله وانعزاله، في ظل عالم التواصل الإلكتروني الزائف الذي حوَّل الأطفال إلى دُمى صامتة لا تتحرك من مكانها، ولا تتواصل مع من حولها.

وللدراما العلاجية تمرينات نفسية أو تدريبات سيكولوجية تعتمد على نظريات اللعب وفنيات الإرشاد بالسيكودراما، مع وسائل تساعده كالرسم والموسيقى، وفيها يجد الطفل نفسه أكثر إبداعًا وانطلاقًا. والسيكودراما تعتمد على التلقائية الدرامية، حيث يُطلب من الأطفال أداء أدوار مسرحية بدون نصٍّ مكتوب؛ قصد العلاج السلوكي.

وإذا استخدمنا السيكودراما في تنمية الوعي القرائي لدى طلابنا، وجب علينا الربط بين شخصيات الطلاب واحتياجاتهم النفسية والعقلية والعلمية وبين الأدوار الدرامية التي تسند إليهم في مسرح السيكودراما؛ ليتحقق أكثر من غاية تعليمية وعلاجية. ويتطلب هذا من المعلم الاستعانة بنصوص مسرحية ملائمة لاحتياجات الطلاب، وتنمي لديهم الوعي اللغوي – بصورة عامة – والوعي القرائي بصفة خاصة؛ محددًا في ذلك مهارات الوعي القرائي من خلال تعرُّف أبعاد الوعي القرائي.

ثالثًا: نظرية التلقي:

يُعرِّف (معاطي نصر، 2009) نظرية "التلقي" بأنها: عملية تستهدف إثارة وجدان التلميذ، وتهيئته لتلقي النصوص المقروءة، ودفعه للتفاعل معها بإيجابية من خلال أنشطة مختلفة تتطلب من التلميذ أن يكون شريكًا أساسيًّا في رسم الصورة النهائية للنص المقروء.

وطبقا لنظرية التلقي فالقارئ هو الذي يربط معرفته وخبراته السابقة ببنية النص المقروء، فيستطيع بذلك إنتاج نص جديد له مواصفات مشابهة للنص المقروء، ولكن لا تتطابق معه، وتختلف من قارئ لآخر باختلاف الرؤى، والأفكار، والمعارف، والخبرات السابقة لكلٍّ منهما.

اكتسبت هذه النظرية أهمية كبرى في العملية النقدية من خلال الافتراضات والمفاهيم الفريدة التي قدَّمها منظراها الرئيسان: (ياوس وايزر)، والتي تنطلق من إشكالية نظرية تتعلق بالمعنى والعمل الأدبي، ووظيفته وموقف المتلقي من العمل وصلته به، والمبادئ التي تنظم هذه الصلة، حيث قدَّم (ياوس) بعض المفاهيم والآليات النقدية، أهمها: مفهوم أفق التوقعات، ومفهوم المسافة الجمالية، والمنعطف التاريخي، وآلية السؤال والجواب، والتلقي المنتج. (ناظم خضر، 1997)

وتقوم نظرية التلقي على مجموعة من الافتراضات الأساسية وهي: (عبد العزيز طليمات، 1993).

  • النص ليس هو المعنى، بل هو الوسيط الضروري الذي يُمكِّن القارئ من بناء معنى النص.
  • المعنى ليس سابقًا على تدخل القارئ.
  • التلقي يخرج المعنى من حالة الكمون إلى حالة التجسيد.
  • المعنى يبني بمشاركة القارئ مهما كانت حقيقة موقف القارئ من النص.
  • بداية تكوين المعنى وتأسيسه هي تلك النقطة التي يلتقي عندها النص بالقارئ.

وقد حددت بعض الدراسات ومنها: دراسة (سيد سنجي، 2014) كفايات النقد الأدبي في ضوء نظرية التلقي في عشر كفايات منها: تحديد أفق توقعات النص الأدبي، استنتاج المسافة الجمالية للنص من خلال بعض الحيل الأسلوبية، تطبيق آلية السؤال والجواب في بناء معاني النص وتأويلها، وتقييم النص في ضوء ما يتضمنه من اتجاهات وقيم اجتماعية وإنسانية، استنتاج علامات القارئ الضمني مبينًا دورها في تأويل النص.

رابعًا: التعلم الممتع:

يُعرِّف (حسن شحاته، 2022) التعلم الممتع بأنه: شعور داخلي يتولد لدى المتعلم؛ نتيجة تفاعله في بيئة تعلم نشطة، ويمارس أنشطة ممتعة تجعله محبًّا للمعرفة، وتزيد دافعيته للتعلم. ولذا وجب على المعلم إعداد مواقف تعليمية تشتمل على خبرات ممتعة تجعل من التعلم ذا معنى للمتعلمين.

وتحدد (ريم عبد العظيم، 2024) الأسس النظرية التي يستند إليها التعلم الممتع في: اقتصاد الخبرة وخبرة التدفق، والتأثير الوجداني، والمقابل الجمالي، والفضول المعرفي، والدافعية الذاتية. كما تحدد شروط خبرة التعلم الممتعة في: تحقق الاستكشاف والتخيل معًا، والخبرة التعليمية متعددة الحواس، والاقتصاد في الجهد المبذول، وإتاحة فرص الاختيارات المتعددة.

والمهارات الإبداعية للغة العربية كثيرة، منها: مهارات الطلاقة التعبيرية، والمرونة الفكرية، والأصالة في الفكر المبدعة. ويظهر ذلك في طلاقة الحديث والجرأة، والرد بطلاقة وإبداع، ويبرز هنا دور التعلم الممتع في توفير بيئة تعلم نشطة ممتعة تشجع المتعلمين على حرية التعبير وإبداء آرائهم بحرية؛ مما يساعدهم على إنتاج أكبر عدد من الأفكار المبدعة.

وفي ضوء ما قدمت هذه الورقة من أفكار لتعليم اللغة العربية؛ يستطيع معلمو وباحثو تعليم اللغة العربية تعرُّف توجهات جديدة في استخدام مداخل ونماذج تدريس تُبنى على نظريات علمية تربوية ولغوية؛ تسهم في تنمية مهاراتٍ لغوية جديدة يحتاجها أبناؤنا في عصر التسارع المعلوماتي والحضاري، مثل: الحس اللغوي، والوعي القرائي، والنقد الأدبي، والإبداع اللغوي.

  • علي مدكور (2003)، تدريس فنون اللغة العربية، عالم الكتب، القاهرة.
  • حسن شحاته (2022)، تنمية الحس اللغوي الفريضة الغائبة في تعليم العربية وتعلمها.
  • عمر عوني (2008)، الذوق اللغوي وأثره في اللغة، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، جامعة الموصل، مجلد 7، العدد 4.
  • نعمة العزاوي (2000)، العربية المعاصرة والحس اللغوي، الذخائر، خريف 1421، العدد 2.
  • عماد الخطيب (2009)، في الأدب الحديث ونقده، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
  • هدي هلالي (2017)، فاعلية نموذج تدريس في القراءة قائم على نظرية معالجة المعلومات لتنمية أبعاد الفهم العميق والوعي القرائي لطلاب الصف الأول الثانوي، مجلة دراسات تربوية، كلية التربية، جامعة حلوان.
  • سيد رجب (2020)، نموذج تدريس قائم على نظريات القراءة في النقد الأدبي لتنمية مهارات القراءة التفسيرية والقراءة التأملية لدى طلاب المرحلة الثانوية الفائقين دراسياً، المجلة التربوية، جامعة سوهاج.
  • معاطي نصر (2007)، أثر برنامج قائم على الأمثال الأدبية في تحسين الأداء اللغوي الإبداعي لطلاب الصف الحادي عشر بسلطنة عمان، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس، العدد 127.
  • رشا محمود (2021)، تصميم نموذج تدريس قائم على نظرية التدفق في تدريس القراءة وأثره على التحصيل القرائي وتنمية الحس اللغوي لدى طلاب المرحلة الثانوية. مجلة شباب الباحثين، جامعة سوهاج.
  • ناظم خضر (1997)، الأصول المعرفية لنظرية التلقي، دار الشروق، عمان، الأردن.
  • عبد العزيز طليمات (1993)، فعل القراءة، بناء المعنى وبناء الذات، ندوة: نظرية التلقي إشكالات وتطبيقات، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، المغرب.
  • سيد سنجي (2014)، برنامج لتنمية كفايات النقد الأدبي لدى طلاب شعبة اللغة العربية بكليات التربية في ضوء نظرية التلقي، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس، العدد 206، جامعة عين شمس.
  • هيثم حسن وريم عبد العظيم (2024)، استراتيجيات التعلم الممتع، المركز الأكاديمي العربي، القاهرة.