Document Type : Original Article
Author
أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية بكلية التربية جامعة حلوان
Abstract
Keywords
من الواجب علينا توخي الحذر عند تقديم القصص العالمي لأطفالنا دون مراجعة منظومة القيم التي تقدم بشكل خفي من خلال هذا القصص؛ ولذا وجب علينا أولا تحديد المعايير الواجب وضعها لتقييم كل ما يقدم لأطفالنا من أدب عالمي يحمل الكثير من القيم التي قد لا تتفق مع قيمنا ومعتقداتنا في المجتمعات العربية والإسلامية؛ وهنا تظهر الحاجة إلى تقديم رؤية مقترحة بالمعايير الواجب مراعاتها في اختيار القصص العالمي المقدم لأطفالنا من خلال الوسائط التكنولوجية الحديثة. وهنا يظهر دور علماء التربية في وضع معايير مقننة للقيم التي يفضل تقديمها لأطفالنا من خلال الأدب العالمي؛ للمساهمة في ردع التيارات الشاذة التي تأتي لنا من كل حدب وصوب تجاه أبنائنا من الأطفال والناشئة على حد سواء.
مقدمة:
التربية أداة المجتمع في تكوين وتشكيل سلوك أفراده، والكشف عن قدراتهم ومواهبهم والعمل على استثمارها وتنميتها بما ينفع المجتمع. وتنمية المفاهيم الدينية والأخلاقية في مرحلة الطفولة المبكرة يعد هدفا تربويا وتعليميا تسعى الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع إلى تحقيقه؛ فالطفل يولد محملاً بكل معانى الطهر والبراءة، ويتحمل الآباء والمربون مسئولية إكسابه الأفكار والمفاهيم الأخلاقية السليمة. ولابد من أن يكون أساس التربية الخلقية تهيئة البيئة الاجتماعية الصالحة المنظمة التي توجه الطفل إلى السلوك القويم المتزن.
ومن أهم أفكار الإمام الغزالي في التربية الأخلاقية:
وقد استغلت القصة كعنصر تعليمي، وكأداة للتغلب على مشكلات المجتمع، لأنها أحب ألوان الأدب بالنسبة للتلاميذ في المراحل التعليمية جميعها، وهى تعد عاملا تربويا في تعليم اللغة، حيث تزود التلاميذ بالكثير من الحقائق والمعلومات والقيم والاتجاهات، وتعد القصة عاملا مساعدا في تكوين الشخصية بما فيها من فكر ومغزى وخيال وتركيبات لغوية ، ولكل هذا أثره في تكوين شخصية الطفل، كما أنها وسيلة من وسائل التهذيب النفسي والخلقي، فالأطفال والكبار يقرؤون قصص الأبطال والعظماء، فيشعرون بميل نحو هذه الشخصيات، ويمكن استغلال القصة في تحقيق ما يأتي من الأهداف التربوية:
بدأ مصطلح أدب الطفل في فرنسا وذلك في القرن السابع عشر، وكان الكاتب لا يكتب اسمه خشية الحط من قدرته أمام الناس إلى أن جاء الشاعر الفرنسي "تشارلز بيرو" ، وكتب قصصا للأطفال بعنوان "حكايات أمي الإوزة" ، وكتب لها اسما مستعارا ، وبعده جاءت محاولات كتابية للأطفال من قبل سيدة فرنسية اسمها "ليرتس" وظهرت كتابة أدب الطفل في فرنسا بشكل جدي بالقرن الثامن عشر، وذلك بظهور "جان جاك روسو" حيث اهتم بدراسة الطفل كإنسان قائم بذاته، وبعد ذلك تمت ترجمة قصص ألف ليلة وليلة إلى اللغة الفرنسية.
أما في عالمنا العربي فنجد أن أول القصص المكتوبة التي عرفتها البشرية هي القصص المصرية المكتوبة على ورق البردي، وبقيت القصص عبارة عن حكايات وأساطير إلى أن جاء الإسلام حيث ظهرت القصص الدينية المتمثلة في أخبار الرسول وقصص الأمم والشعوب التي وردت في القرآن الكريم.
كما أدت فتوحات الدولة الإسلامية إلى دخول قصص كثيرة من شعوب وأمم غير عربية مثل: الفارسية والرومانية والهندية، وكان معظمها أساطير وخرافات، ثم بدأت الترجمة فترجم كتاب كليلة ودمنة وكتاب ألف ليلة وليلة، مع إضافات جديدة نابعة من العالم العربي والخيال العربي مثل: قصة "حي بن يقظان" وقصة "عنترة بن شداد"، وعندما بدأ العرب يكتبون قصصهم وأخبارهم في أواخر العصر الأموي وأوائل العصر العباسي دونوا وكتبوا كل شيء مما جعلها من أغنى مصادر أدب الأطفال العربي.
أما في القرن السابع عشر وعلى أثر ظهور أدب الأطفال في فرنسا وأوروبا بشكل عام، فقد أخذ يظهر أدب الأطفال في البلاد العربية، وظهر خاصة في مصر على يد محمد على عن طريق الترجمة نتيجة اختلاطهم بالغرب، وكان أول من قدم كتابا مترجما عن اللغة الإنجليزية في مصر (رفاعة طهطاوي) وكان مسئولا عن التعليم، ثم أخذ بترجمة قصص وحكايات كثيرة عن الغرب، فترجم قصصا تراعى حكايات الأطفال ثم جاء من بعده أمير الشعراء أحمد شوقي، وألف أول كتاب في أدب الطفل، وكتب القصص على ألسنة الحيوانات والطيور.
وبعده جاء كامل كيلاني وكان هدفه أن يحبب الأطفال بالقراءة، ومن قصصه السندباد البحري، وتركزت قصصه على التراث العربي والثقافات الأجنبية، وظهرت العديد من دور النشر في مصر ولبنان وسوريا والعراق والكويت والأردن، واهتمت الدول العربية بأدب الطفل لأثره البالغ على تربية النشء.
وقد خلص (أحمد نجيب، 2000) إلى أن لأدب الطفل دور واسع وأهمية كبرى في عدة أمور منها:
ويعد رائد تبسيط أدب الكبار والقصص العالمي للأطفال هو كامل الكيلاني ، وقد جاءت جهود كامل الكيلاني شمولية بحيث إنه جمع بين التأليف والترجمة والاقتباس، وذلك من عدة مصادر عربية وعالمية، ففي النطاق العربي قام بتبسيط فلسفة "ابن طفيل في كتابه حي بن يقظان"، وأدب ابن جبير في كتابه "جبير في مصر والحجاز"، ومغامرات جحا في سلسلة "حكايات جحا"، أما على المستوى العالمي فقد اتجه إلى كل من الشرق والغرب، فمن الشرق قدم مجموعة من قصص ألف ليلة وليلة تحت عدة سلاسل منها "قصص من ألف ليلة وليلة"، "وقالت شهر زاد"، وعلى الرغم من المعوقات التي واجهته إلا أنه أصر على التبسيط والتقديم للأطفال؛ وذلك لإدراكه مدى حب الأطفال للقصص والمغامرات. (سهير محفوظ ،1996)
ويشير (حسن شحاته 2004) إلى أن اختيار القصة يعد عاملا مهما من العوامل التي يتوقف عليها نجاح توظيفها في أي برنامج تعليمي، وقد حدد مجموعة من المعايير هي:
معايير تقديم الأدب العالمي للطفل العربي
أولاً: الألفاظ والجمل والأساليب
ثانياً: الصور والأشكال والرسوم والفيديوهات:
ثالثاً: الموضوعات والأفكار
من القصص العالمي
أولاً: قصة حي بن يقظان
عمل أدبي شهير تعرفه كل الدنيا هو "حي بن يقظان" للفيلسوف العربي "ابن طفيل" الذي يتحدث عن وليد وضعته أمه في جزيرة نائية، وتركته وحيدا ورحلت عن الدنيا، وأرضعت ظبية هذا الصغير، الذى شب وحده في هذه الجزيرة. وبرغم هذه الوحدة، فإن بطل عملنا هذا استطاع بالعقل والمنطق والتفكير أن يستدل بما حوله على وجود الخالق العظيم ( الله جل جلاله)، وأن يصل إلى تلك الحقيقة الكبرى: إنه سبحانه المنشئ لكل هذا الكون بجميع ما فيه. ( عبد التواب يوسف، 1996)
وأشهر عمل أدبى من هذا القبيل على المستوى العالمي هو رائعة "دانيل ديفو" المعروفة باسم "روبنسون كروزو". بل إن اسم هذه الشخصية والرواية ذاتها أصبحت معروفة أكثر من مؤلفها نفسه. وهو مثل "حي بن يقظان" عاش وحده في جزيرة، لكنه وصل إليها عن طريق شبيه بما كان يحدث مع السندباد. إذ تتحطم سفينته، ويسبح إلى الشط، ليصله ويسقط عليه نائما..مرهقا..
ولم يقتصر تقليد "حي بن يقظان" على السندباد عربيا، ولا على "روبنسون كروزو" عالميا، بل امتد ذلك إلى أعمال حديثة لقيت من المعاصرين اهتماما بالغا، حتى لقد ظهرت هذه الأعمال الأدبية على شاشة السينما، في أفلام كان لها ضجة كبيرة. ( عبد التواب يوسف، 1996).
ثانياً: قصة الجمال النائم
الجمال النائم بالروسية: هو باليه مكون من مقدمة وثلاثة فصول، عرض للمرة الأولى فى علم 1890، وهو من تأليف بيتر إليتش تشايكوفسكي، ويعتمد على قصة الجمال النائم للمؤلف الفرنسي تشارل بيرو. والمؤلف يعتبر أحسن مؤلف وضعه تشايكوفسكي للباليه، وصار أحد الكلاسيكيات التى تعرض فى أشهر أعمال الباليه.
وشارل بيرو أحد أشهر عباقرة الأدب على مستوى العالم، ويكفيه أنه مؤلف قصص "سندريلا" و"عقلة الإصبع" مستفيدا من التراث الشعبي فى أوروبا. وشارل بيرو معروف عند العرب تماما كما هو عند الأوروبيون، وتمت ترجمته حكاياته إلى العربية. وقد بدأ بيرو حياته أدبيا يهوى الفلسفة، وبعد صدام مع أحد أساتذته قرر ترك مقاعد الدراسة، واتجه لقراءة التاريخ الفرنسي ، وسار فى طريق طويل من التثقيف الذاتي متمتعا بالجلد وقوة الشخصية. وإلى جانب قوته المثيرة للإعجاب منحه الله موهبة الخيال الخصب . فكان أبرز مؤلفي الأساطير والحكايات الخرافية؛ ومنها حكايات الجمال النائم وسندريلا وغيرها من كلاسيكيات القصص العالمية التى جمعها فى كتابه الأشهر " حكايات الإوزة الأم" عام 1697.
ثالثاً: قصة وفاء كلب
لم تكن القصص التى تتحدث عن وفاء الكلاب بالشيء المستحدث على المجتمعات والبيئة العربية، فهذه القصص تضرب بجذورها فى عمق التاريخ العربى من الجاهلية وعصر انتشار الإسلام وصولاً للخلافات الإسلامية المتعاقبة والتاريخ الحديث.
يذكر ابن المرزبان المحولى فى كتابه "تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب" العديد من القصص التى تتحدث عن فضل الكلاب على أصحابها ، ومنها قصة مشهورة الذكر وقوية السند قد رواها أبو بكر بن أبى الدنيا وقال فيها: أن الطاعون قد أتى على أهل دار وأهلك من فيها ، ولما لم يكن هناك مجال للشك أن أحدا قد نجا من أهل هذه الدار، قاموا بسد باب الدار، ولكن لم يدركوا أن هناك طفلا رضيعا بالداخل ونسوا أمره، وعندما فاتت الشهور جاء ورثة هذا الدار حتى يفتحوه، فوجدوا صبيا يلعب مع جرو كلبة كانت لأصحاب الدار القدامى، وحينها تبينوا حقيقة نجاة الطفل وعدم هلاكه من الجوع، فقد قامت الكلبة بإرضاع الطفل من لبنها مثله مثل باقى الجراء.
المعايير التي يجب مراعاتها في اختيار القصص العالمي المقدم لأطفالنا:
عن المؤلف:
أ.د. جيهان السيد عبد الحميد عمارة
أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية - بكلية التربية جامعة حلوان
emara_gehan@yahoo.com