Document Type : Original Article
Author
Former Dean of the Faculty of Social and Human Sciences, Galala University Professor of Geographic Information Systems - Department of Geography - Faculty of Arts - Fayoum University
Abstract
Keywords
مقدمة
يعيش العالم في عصر تكنولوجي متقدم، حيث يشكل الذكاء الاصطناعي مجالًا متناميًا ومثيرًا للاهتمام في مختلف المجالات. واحدة من هذه المجالات هي العلوم الاجتماعية والانسانية، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في توفير أدوات وتقنيات تساعد الباحثين والمفكرين على فهم السلوك البشري والتفاعلات الاجتماعية بطرق جديدة ومبتكرة.
وتعد العلوم الاجتماعية والانسانية مجالات حاسمة في فهم تفاعل البشر مع المجتمع والثقافة. ومع تطور التكنولوجيا وظهور الذكاء الاصطناعي، فإن هذه المجالات تشهد تحولًا رقميًا هامًا يؤثر في طرق البحث والتحليل والتفاعل مع البيانات. يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تمكين الباحثين والعلماء الاجتماعيين والإنسانيين من استكشاف وفهم العالم بطرق جديدة ومبتكرة.
وتتسم العلوم الاجتماعية والانسانية بتعقيداتها وتفرداتها التي تتطلب تحليلًا معمقًا وفهمًا شاملاً للسلوك البشري والمجتمعي. ويهدف هذا البحث إلى استكشاف الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تلبية تحديات التحليل والتفسير في العلوم الاجتماعية والانسانية والمساهمة في تطوير المجال.
٢. أهداف البحث
ويتمثل الهدف الرئيسي في مناقشة دور الذكاء الاصطناعي في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، الى جانب أهداف فرعية على النحو التالي:
-التعرف على التعاريف المختلفة للذكاء الاصطناعي ومراحل تطوره
-التعرف على مراحل تطور الذكاء الاصطناعي وعلاقته التبادلية مع العلوم الاجتماعية والإنسانية
-عرض بعض التطبيقات للذكاء الاصطناعي في مجال العلوم الاجتماعية والانسانية
-الإشارة الى الاتجاهات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية
-التعرف على بعض التحديات والاعتبارات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية
-عرض نموذج تطبيقي للذكاء الاصطناعي الجغرافي
٣. منهجية البحث
-مراجعة الأدبيات من خلال دراسة الأبحاث والمقالات العلمية المنشورة في مجال الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والانسانية
-تحليل العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الاجتماعية والانسانية
-إجراء دراسة تطبيقية: تنفيذ دراسة تطبيقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الجغرافية الرقمية ومن بينها التوثيق الكارتوجرافي الآلي للخرائط التاريخية وإنتاج نموذج محاكاة مكانية زمنية
-تحليل التحديات الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة: سيتم دراسة التحديات الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والانسانية، مثل قضايا الخصوصية والتمييز والتأثير على سلوك البشر
-توجيه التوصيات: سيتم توجيه التوصيات العملية حول تطوير استخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والانسانية بطرق مستدامة وأخلاقية
٤. مفهوم الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي (AI) هو مجال متعدد التخصصات يشمل مجموعة من التقنيات والنهج التي تهدف إلى خلق آلات قادرة على السلوك الذكي. على مر السنين، قدم مجموعة من الخبراء والمنظمات تعاريف مختلفة للذكاء الاصطناعي، مما يعكس الطبيعة التطورية والآراء المتنوعة داخل هذا الميدان. يقوم هذا القسم باستكشاف بعض هذه التعاريف.
تعريف مؤتمر دارتموث The Dartmouth Conference Definition
في عام 1956، اجتمع مجموعة من الباحثين في كلية دارتموث لعقد مؤتمر دارتموث البارز، مما أسهم في ولادة الذكاء الاصطناعي كميدان. حددوا الذكاء الاصطناعي على أنه "محاكاة أي جانب من جوانب الذكاء البشري أو التعلم [1] وقد وضع هذا التعريف الأساس لبحوث الذكاء الاصطناعي المبكرة، مع التركيز على هدف تقليد قدرات الإدراك البشري
تعريف اختبار تورينج: Turing Test Definition
اقترح الرياضي وعالم الحاسوب الرائد، آلان تورينج، اختبارًا عمليًا لتحديد ذكاء الآلة. في عام 1950، أكد أن يمكن اعتبار الآلة ذكية إذا كانت استجاباتها لا تميز عن استجابات الإنسان خلال محادثات اللغة الطبيعية [2] ، يظل اختبار تورينج مؤثرًا في تقييم قدرات الذكاء الاصطناعي.
وجهة نظر جون مكارثي: John McCarthy's Perspective
قدم جون مكارثي، أحد رواد الذكاء الاصطناعي، تعريفًا أكثر شمولًا. في عام 1955، وصف الذكاء الاصطناعي بأنه "علم وهندسة صنع الآلات الذكية[3]، يؤكد هذا التعريف على الطابع متعدد التخصصات للذكاء الاصطناعي، مدمجًا فيه مبادئ علمية وهندسية.
وجهات النظر الحديثة Modern Perspectives:
مع تطور الذكاء الاصطناعي، ظهرت تعاريف معاصرة. يصف ستيوارت راسل وبيتر نورفيغ في كتابهما المؤثر الذكاء الاصطناعي على أنه "دراسة الوكلاء الذين يتلقون الإدراكات من البيئة ويؤدون أفعالًا[4] ، يركز هذا التعريف على فكرة الوكلاء الذكية التفاعلية مع محيطها.
تعريف يركز على تعلم الآلة Machine Learning-Centric Definition
مع ظهور تقنيات تعلم الآلة، أحد الفروع من الذكاء الاصطناعي، تؤكد بعض التعاريف على دور خوارزميات التعلم. قدم توم ميتشل، في عام 1997، تعريفًا لتعلم الآلة على أنه "دراسة خوارزميات الحاسوب لتعلم القيام بمهام بدون برمجة صريحة[5]، يعكس هذا التعريف أهمية النهج القائم على التعلم في الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي الأخلاقي Ethical AI
في السنوات الأخيرة، زاد التركيز على الاعتبارات الأخلاقية في الذكاء الاصطناعي. تعرف منظمات مثل "شراكة الذكاء الاصطناعي" الذكاء الاصطناعي بأنه "تقنيات تقوم بأداء مهام تتطلب عادة الذكاء البشري، مثل التصوير البصري، وتعرف الكلام، واتخاذ القرارات[6]، يتضمن هذا التعريف مجموعة واسعة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع التركيز على الاعتبارات الأخلاقية.
وتعكس التعاريف المتنوعة للذكاء الاصطناعي طبيعته الديناميكية ووجهات النظر المتطورة داخل هذا الميدان. من التطلعات المبكرة لتقليد الذكاء البشري إلى الاعتبارات الحديثة حول التأثيرات الأخلاقية، تعكس التعاريف مدى تنوع وعمق الذكاء الاصطناعي كتخصص علمي وهندسي.
5. التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي وعلاقته بالعلوم الاجتماعية والإنسانية
يعد التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي (AI) رحلة مثيرة تمتد على مدى عدة عقود. مع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت تطبيقاته في العلوم الاجتماعية والإنسانية واضحة بشكل متزايد، مما أثر على منهجيات البحث وتحليل البيانات وعمليات اتخاذ القرار. ويمكن توضيح الأحداث الرئيسية في التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي وارتباطه بمجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية.
ويلاحظ من (شكل ١) أنه قد تطور الذكاء الاصطناعي في خمسة مراحل حيث استمد المفاهيم والنظريات من فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية. ففي كل مرحلة، تطور الذكاء الاصطناعي تأثر بالتطورات العلمية والتكنولوجية والتحديات الاجتماعية والأخلاقية المرتبطة به.
شكل (١): مراحل تطور الذكاء الاصطناعي ودور العلوم الاجتماعية والإنسانية
١) مرحلة الأساس النظري والتأسيس (1950-1960
يمكن تتبع جذور الذكاء الاصطناعي إلى منتصف القرن العشرين، مع ظهور مفاهيم أساسية وولادة هذا المجال. في عام 1956، شكلت مؤتمر دارتموث نقطة بداية رسمية للذكاء الاصطناعي، حيث سعى الباحثون إلى تطوير آلات قادرة على تقليد الذكاء البشري [1]، و ركز رواد الذكاء الاصطناعي الأوائل، بما في ذلك آلان تورنج وجون مكارثي، على وضع الأسس للتفكير الرمزي وخوارزميات حل المشكلات.
في هذه المرحلة، كان التركيز على تطوير الأسس النظرية للذكاء الاصطناعي. وقد تأثر الذكاء الاصطناعي بالعلوم الاجتماعية والانسانية من خلال استيحاء مفاهيم ونظريات من علم النفس وعلم اللغة وعلم الفلسفة. على سبيل المثال، استوحى اختبار تورينغ ومفهوم الذكاء العام من نظرية الذكاء البشري.
٢) مرحلة الذروة والانخفاض (1960-1980)
خلال الستينيات والسبعينيات، سيطر الذكاء الاصطناعي الرمزي، المعروف أيضًا باسم "الذكاء الاصطناعي القديم" (GOFAI)، على هذا المجال. ركز الباحثون على تمثيل المعرفة باستخدام الرموز وإنشاء أنظمة قائمة على القواعد لحل المشكلات [7] ، وأظهرت نظم الخبراء، التطبيق الهام للذكاء الاصطناعي في هذه الفترة، إمكانية تكرار خبرة الإنسان في مجالات محددة[8].
في هذه المرحلة، ركز الذكاء الاصطناعي على استخدام العلوم الاجتماعية والانسانية في تطوير نماذج وأنظمة الذكاء الاصطناعي. تم استخدام المفاهيم من علم النفس الإدراكي وعلم اللغة الحاسوبية لتطوير أنظمة تعتمد على المعرفة وحل المشاكل.
٣) الانتقال إلى المعرفة (1980-1990)
في الثمانينات، حدثت فترة الجمود حيث حدثت قصور في التمويل وانخفاض الاهتمام بسبب عدم تحقيق التوقعات [8]، ومع ذلك، عاشت فترة تجديد الاهتمام في التسعينيات بفضل الاختراقات في مجال الشبكات العصبية وتعلم الآلة. شكل هذا التحول من الأنظمة المبنية على القواعد إلى النهج القائم على البيانات أساسًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديث.
في هذه المرحلة، تم تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على المعرفة، والتي استفادت من العلوم الاجتماعية والانسانية. تم استخدام المفاهيم من علم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم الأنثروبولوجي لتطوير أنظمة الخبراء وتحسين أداءها في تطبيقات مثل التشخيص الطبي والتخطيط الاستراتيجي.
٤) مرحلة تطوير الشبكات العصبية والتعلم الآلي (1990-2000)
تتسم هذه المرحلة بتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي القائم على البيانات، فقد ساهم التقدم في تعلم الآلة، وخاصة التعلم الإشرافي وتعلم التعزيز، في تطوير نظم الذكاء الاصطناعي القادرة على التعلم من البيانات. هذا التطور وفر المساحة لتطبيقات في العلوم الاجتماعية والإنسانية، حيث يمكن تحليل مجموعات كبيرة من البيانات للحصول على رؤى حول سلوك الإنسان وتفضيلاته واتجاهات المجتمع.[4] [9]
في هذه المرحلة، تم استخدام العلوم الاجتماعية والانسانية في تطوير الشبكات العصبية الاصطناعية وتقنيات التعلم الآلي. استفاد الذكاء الاصطناعي من دراسات علم النفس العصبي وعلوم الدماغ لمحاكاة العمليات العصبية في النظم الذكية.
٥) الذكاء الاصطناعي الحديث (من 2000 حتى الآن)
من أهم سمات هذه المرحلة تتمثل في تطوير أساليب معالجة اللغة الطبيعية وتحليل المشاعر، حيث أتاحت دمج معالجة اللغة الطبيعية (NLP) في أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل اللغة البشرية والتواصل. أصبح تحليل المشاعر، فرع من معالجة اللغة الطبيعية، حيويًا في فهم الرأي العام والتوجهات الاجتماعية وديناميات الثقافة[10].
هذا الى جانب تطور نظم الحوسبة العصبية و تطبيقاتها في العلوم الإنسانية، ففي السنوات الأخيرة، قام الذكاء الاصطناعي بخوض تجارب هامة في مجال العلوم الإنسانية وعلم الأعصاب، حيث توظف الأنظمة المعلوماتية العصبية الذكاء الاصطناعي لمحاكاة عمليات التفكير البشرية، مما يسهم في فهم وظائف الإدراك واضطرابات الجهاز العصبي [11]، وساد في هذه المرحلة التركيز على الآثار الأخلاقية والاجتماعية، وخاصة مع اتساع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية، مم ترتب عليه ظهرت الاعتبارات الأخلاقية ففي الدراسات والبحوث وخاصة فما يتعلق بقضايا مثل الخصوصية والتحيز في الخوارزميات والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في المجالات الحساسة أصبحت قضايا حرجة تتطلب انتباهًا دقيقًا [12].
في هذه المرحلة، استمر تطور الذكاء الاصطناعي في أخذ العلوم الاجتماعية والانسانية في الاعتبار، حيث استمد المفاهيم والنظريات من علم الاجتماع، وعلم اللغة، وعلم الأخلاق لتطوير تقنيات تعلم الآلة ومعالجة اللغة الطبيعية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى. وكذلك التركيز على قضايا الأخلاق والمسؤولية المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويلاحظ من (شكل (٢) العلاقة التبادلية بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الاجتماعية والإنسانية، حيث اعتمد الذكاء الاصطناعي على فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية ومن أهمها علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الانثروبولوجيا، وعلم اللغة، وعلم الفلسفة باعتبارها مصادر المعرفة والمفاهيم والنظريات العلمية المتعلقة بالإنسان وطرق تفكيره وسلوكاته وأساليب التفكير البشري. وفي المقابل استفادت العلوم الاجتماعية والإنسانية في الانتقال الى مايسمى اليوم بالإنسانيات الرقمية، وتطبيقات اللغات الطبيعية وتطبيقات عديدة للعلوم الاجتماعية والإنسانية من بينها العلوم المكانية الجغرافية.
شكل (٢) العلاقة التبادلية بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الاجتماعية والإنسانية
٦. تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية
ظهر الذكاء الاصطناعي (AI) كقوة محورية، محدثًا ثورة في مجالات متنوعة، بما في ذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية. أدى دمج الذكاء الاصطناعي في هذه التخصصات إلى تقدم كبير في منهجيات البحث وتحليل البيانات، وفهمنا للظواهر البشرية المعقدة. ويمكن تسليط الضوء على التطبيقات المتعددة الأوجه للذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية. على النحو التالي
تحليل النصوص والصور والفيديو
من أهم المجالات التطبيقية للذكاء الاصطناعي في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية يتمثل في القدرة الفائقة على تحليل النصوص والمقالات والكتب والوثائق الأخرى، واستخلاص المعلومات الهامة منها. مما يساعد الباحثين والمفكرين في فهم الأفكار والآراء والمفاهيم المتعلقة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية.
ويستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور والفيديو لفهم المحتوى والتفاصيل البصرية. يمكن استخدامه لتحليل التعابير الوجهية والمشاعر والحركات والأنماط السلوكية، مما يساعد في فهم السلوك البشري والتفاعلات الاجتماعية.
تحليل البيانات ونمذجة السلوك البشري
إحدى المساهمات الرئيسية للذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية تكمن في قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات بكفاءة. حيث تتفوق خوارزميات تعلم الآلة في التعرف على الأنماط والاتجاهات داخل مجموعات البيانات، مما يقدم رؤى قيمة حول سلوك الإنسان والاتجاهات الاجتماعية والتغيرات الثقافية[13].
الى جانب قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء نماذج لتمثيل السلوك البشري في سياقات مختلفة، حيث يمكن استخدام هذه النماذج لدراسة التفاعلات الاجتماعية، مثل التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد وتأثيرها على العلاقات الاجتماعية والتواصل.
النمذجة التنبؤية والتوقعات
يمكّن الذكاء الاصطناعي العلماء الاجتماعيين من تطوير نماذج تنبؤية يمكنها التنبؤ بالاتجاهات والسلوكيات المستقبلية استنادًا إلى البيانات التاريخية. تحمل هذه القدرة آثارًا هامة على اتخاذ القرارات السياسية، حيث يمكن للحكومات والمنظمات اتخاذ قرارات مستندة إلى معلومات لمواجهة التحديات الاجتماعية. [14]
تحليل المشاعر والرأي العام
تمكّن خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) من تحليل المشاعر، مما يتيح للباحثين قياس الرأي العام حول القضايا الاجتماعية والأحداث السياسية والظواهر الثقافية. تساعد هذه التكنولوجيا في فهم ديناميات الحوار العام والعوامل التي تؤثر في توجهات المجتمع[15] .
علم الأعصاب وعلم الأمراض العقلية
يتقاطع الذكاء الاصطناعي مع علم الأعصاب وعلم الأمراض العقلية، مما يسهل استكشاف إدراك الإنسان ووظائف الدماغ. يمكن لنماذج تعلم الآلة تحليل بيانات تصوير الدماغ، مما يساهم في فهم أعماق اضطرابات الجهاز العصبي وعمليات الإدراك[16]
الطب الشخصي ورعاية الصحة
في العلوم الإنسانية، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في الطب الشخصي من خلال تحليل البيانات الجينية لتخصيص خطط العلاج استنادًا إلى خصائص الفرد. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ثورة في مجال الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تدخلات أكثر فعالية وتوجيه.[11]
الروبوتات الاجتماعية وتفاعل الإنسان مع الحاسوب
تعزز الروبوتات الاجتماعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي وأنظمة تفاعلية فهمنا للسلوك البشري والتواصل. تتنوع استخدامات هذه التقنيات في المجالات العلاجية والتعليم وخدمات الدعم، مما يقدم حلاً مبتكرًا للتحديات المجتمعية[17].
٧. اتجاهات مستقبل الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية
تشهد العلوم الاجتماعية والإنسانية تطورًا سريعًا نتيجة لتقدم التكنولوجيا، وفي هذا السياق، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا. فمن المتوقع أن يساهم في فهم أفضل للدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تطوير العلوم الاجتماعية والانسانية. ومن بينها تحسين جودة البيانات وتحليلها، ويمكن أن يوجه البحوث ويساعد في اكتشاف النماذج والاتجاهات الجديدة. ومع ذلك، يجب أيضًا التركيز على التحديات الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بالاستخدام الصحيح للذكاء الاصطناعي في هذا السياق، ويعكس هذا التوضيح التطورات المتوقعة واتجاهات مستقبل الذكاء الاصطناعي في هذه المجالات، والتي يمكن الإشارة اليها على النحو التالي:
تحليل البيانات الاجتماعية
يتجه الذكاء الاصطناعي مستقبلا في مجال طرق ومناهج تحليل البيانات الاجتماعية الكبيرة واكتشاف النماذج والاتجاهات في السلوك البشري، مما يساعد في فهم الديناميكيات الاجتماعية والتوجهات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية بشكل أعمق.
تكامل البيانات وتحليلها
يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تكامل وتحليل البيانات بشكل أعمق، مما يفتح أفقًا جديدًا لفهم التفاعلات في المجتمعات [18].
تقديم توصيات ذكية لدعم اتخاذ القرارات
من المرجح أن يتقدم الذكاء الاصطناعي في إنتاج توصيات ذكية كحلول للقضايا المجتمعية والسلوكية، بناءً على تحليلات دقيقة للسلوك والاتجاهات الاجتماعية [19]
وتشكل التوصيات في صورة مقترحات لدعم اتخاذ القرارات في مجالات مثل السياسة العامة، وإدارة الموارد البشرية، والتخطيط الحضري، وتطوير السياسات الاجتماعية.
التعلم الآلي في تحليل النصوص وترجمة اللغة والتفاعل اللغوي
من خلال تقنيات التعلم الآلي، يُتوقع تحسين فهم النصوص الاجتماعية والإنسانية واستخلاص المعاني العميقة [20]، وكذلك تحسين الترجمة الآلية وفهم اللغة الطبيعية، مما يسهل التواصل بين مختلف الثقافات واللغات. قد يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة تفاعلية تتفاعل بشكل طبيعي مع البشر في لغتهم الأصلية.
تحسين الاتصال بين البشر والتقنية
قد يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير واجهات تفاعلية تمكن التواصل الفعال بين البشر والكمبيوتر في المجالات الاجتماعية والإنسانية. قد تتضمن هذه التطبيقات تطوير وكلاء ذكية، ومساعدين افتراضيين،
وروبوتات اجتماعية، كما يُتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا في تحسين التفاعل بين البشر والأنظمة التكنولوجية في سياقات مختلفة [21].
الابتكار الاجتماعي والتنمية المستدامة
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحقيق التنمية المستدامة وحل المشكلات الاجتماعية والبيئية. قد يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتوجيه الجهود الاجتماعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
٨. التحديات والاعتبارات
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا هائلة للعلوم الاجتماعية والإنسانية، إلا أنه يطرح تحديات يجب معالجتها:
الاعتبارات الأخلاقية
يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية مخاوف أخلاقية تتعلق بالخصوصية والتحيز في الخوارزميات والتعامل المسؤول مع المعلومات الحساسة. العثور على توازن بين التقدم التكنولوجي والاعتبارات الأخلاقية أمر أساسي [12].
التفسير والشفافية
طبيعة بعض خوارزميات الذكاء الاصطناعي كصناديق سوداء تثير تحديات في فهم وتفسير قراراتها. يجب على الباحثين العمل نحو تطوير نماذج ذكاء اصطناعي شفافة لضمان المساءلة والجدوى [22].
التعاون بين التخصصات
التكامل الناجح للذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية يتطلب التعاون بين المتخصصين في التكنولوجيا والخبراء في المجال. إقامة فرق بحث متعددة التخصصات أمر أساسي لاستغلال الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي في هذه المجالات[23].
الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في العلوم الاجتماعية والإنسانية يتطور بسرعة، مقدمًا فرصًا لا مثيل لها للبحث والتحليل والابتكار. في حين نتنقل في عملية دمج الذكاء الاصطناعي في هذه التخصصات، من المهم معالجة الاعتبارات الأخلاقية وضمان الشفافية وتعزيز التعاون متعدد التخصصات لإطلاق الإمكانات الكاملة لهذه التكنولوجيا التحولية.
٩. دراسة تطبيقية في الجغرافيا والخرائط: التوثيق المكاني الزمني للحرم المكي الشريف ومدينة مكة المكرمة قبل نهاية القرن الرابع عشر الهجري
المراحل التطبيقية
فكرة التطبيق
تتلخص فكرة التطبيق في توظيف الذكاء الاصطناعي الجغرافي (GeoAI) في توثيق الخرائط التاريخية لكل من مراحل التوسعة للحرم المكي الشريف منذ عام ١٨ قبل الهجرة، ومراحل النمو العمراني لمدينة مكة المكرمة حتى نهاية القرن الرابع الهجري [24].
المراحل التطبيقية
١) تجميع الوثائق التاريخية لكل من الحرم المكي الشريف (شكل ٣)، ومدينة مكة المكرمة (شكل ٤)
٢) تجهيز المرجعية المكانية لخريطة طبوغرافية حديثة (شكل ٥) من انتاج مصلحة المساحة المصرية عام ١٩٤٧ بعنوان الخريطة الطبوغرافية للأراضي الحجازية بمقياس ١:٥٠٠.
٣) بناء النموذج الكارتوجرافي الآلي لتنفيذ التطبيق (شكل ٦).
٤) اجراء التصحيح الهندسي للوثائق التاريخية للحرم المكي الشريف وإنتاج خريطة رقمية لمراحل التوسعة (شكل ٧).
٥) النمذجة الآلية للمحاكاة المكانية الزمنية لمراحل التوسعة للحرم المكي الشريف (شكل ٨).
٦) اجراء التصحيح الهندسي للوثائق التاريخية لمدينة مكة المكرمة وإنتاج الخريطة الآلية المجمعة (شكل ٩).
٧) النمذجة الآلية للمحاكاة المكانية الزمنية لمراحل النمو العمراني لمدينة مكة المكرمة (شكل ١٠).
شكل (٣): الوثائق التاريخية للحرم المكي الشريف
شكل (٤): الوثائق التاريخية لمدينة مكة المكرمة
شكل (٥): الخريطة الطبوغرافية للأراضي الحجازية بمقياس ١:٥٠٠
من إنتاج مصلحة المساحة المصرية عام ١٩٤٧.
شكل (٦): النموذج الكارتوجرافي الآلي
شكل (٧): عملية التصحيح الهندسي للوثائق التاريخية للحرم المكي الشريف وإنتاج الخريطة الآلية
شكل (٨): النمذجة الآلية للمحاكاة المكانية الزمنية لمراحل التوسعة للحرم المكي الشريف
شكل (٩): عملية التصحيح الهندسي للوثائق التاريخية لمدينة مكة المكرمة
شكل (١٠): النمذجة الآلية للمحاكاة المكانية الزمنية لمراحل نمو مدينة مكة المكرمة
١٠. خلاصة وتوصيات:
يعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تساهم في تطوير العلوم الاجتماعية والإنسانية من خلال توظيف إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتقييم تأثيره في جودة البيانات والتحليل، وتوجيه البحوث، وتحليل التحديات الأخلاقية والاجتماعية، ويمكن تحقيق تقدم كبير في هذا المجال. وتوصي الدراسة بالتكامل التطبيقي بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الاجتماعية والإنسانية بهدف النهوض بها ومواكبة التطور وخاصة في مجال الانسانيات الرقمية Digital Humanities، وكذلك العمل على استفادة فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية من مميزات الذكاء الاصطناعي ومن بينها الذكاء الاصطناعي الجغرافي (GeoAI) td في دعم البحوث والتطبيقات الذكية بطرق مستدامة وأخلاقية لتعزيز فهمنا للتقدم المستمر في مجال المعلوماتية الرقمية.
٢٤. محمد الخزامي عزيز (٢٠٠٧): تطبيق النمذجة الكارتوجرافية الآلية في في توثيق مراحل نمو المدينة العربية: دراسة حالة مدينة مكة المكرمة قبل نهاية القرن الرابع عشر الهجري. في كتاب: دراسات تطبيقية في نظم المعلومات الجغرافية، مكتبة دار العلم بالكويت، ص ٤٢٠-٤٥٨. https://drive.google.com/file/d/1UB2wOhBgjHDRm6Qu82KJ7ytdbsoXq-sy/view